محطة كهرباء الخيرات الحرارية: نقطة تحول في قطاع الطاقة العراقي
تشهد البنية التحتية للطاقة في العراق تطورات واعدة، من أبرزها محطة كهرباء الخيرات الحرارية؛ مشروع ضخم يهدف إلى تعزيز قدرة العراق على توليد الكهرباء وتقليل اعتماده على المصادر الخارجية. ومن الجدير بالذكر أن هذا المشروع مُدرج رسميًا ضمن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الحكومة الصينية، مما يعكس أهميته الاستراتيجية على الصعيد الدولي.
سد الفجوة في توليد الطاقة
تبلغ السعة المركبة للشبكة الكهربائية العراقية حاليًا 40 ألف ميغاواط، بينما يبلغ متوسط الإنتاج الفعلي نحو 29 ألف ميغاواط، ما يترك عجزًا قدره 11 ألف ميغاواط. وهنا تكمن أهمية مشروع الخيرات؛ إذ تمتلك المحطة ست وحدات توليد، تبلغ قدرة كل واحدة منها 660 ميغاواط، لتصل السعة الإجمالية المركبة إلى 3960 ميغاواط. أما السعة التعاقدية الصافية فتبلغ 2800 ميغاواط، لتساهم بشكل فعّال في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في العراق.
موقع استراتيجي واستخدام الوقود المحلي
تكتسب محطة الخيرات أهميتها من موقعها القريب من مصفاة كربلاء، ما يتيح لها الاستفادة من زيت الوقود الثقيل عالي الكبريت (HSFO) المُنتج في المصفاة ذاتها. وبالاعتماد على وقود محلي وبقدرة توليدية واسعة، ستتمكن المحطة من تلبية أكثر من 10% من احتياجات العراق الكهربائية، وتقليل الانقطاع الكهربائي بشكل مباشر. كما يساعد الاعتماد على وقود عراقي المصدر في تخفيف الاعتماد على الواردات الخارجية وتعزيز الاستقلالية في مجال الطاقة.
الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية
- تعزيز أمن الطاقة: تساهم الإمدادات المحلية الموثوقة في تقليل فترات انقطاع الكهرباء، ما يدعم التنمية الصناعية والاقتصادية.
- تشغيل اقتصادي: يضمن استخدام زيت الوقود الثقيل منخفض التكلفة استدامة تشغيل المحطة على المدى الطويل، مع عائد اقتصادي أكبر للمجتمع.
- تقليل الاعتماد الخارجي: يؤدي الاعتماد على الوقود المحلي إلى تقوية سيادة العراق في مجال الطاقة وتقليل حاجته للمصادر الخارجية.
- خلق فرص عمل: سيوفر إنشاء وتشغيل المحطة آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مع تركيز خاص على محافظة كربلاء والمناطق المحيطة.
تقنيات مبتكرة واعتبارات بيئية
- نظام المكثفات الهوائية (ACC): تعتمد المحطة على نظام التبريد بالهواء الذي يقلل استهلاك المياه بشكل كبير مقارنةً بالأساليب التقليدية، وهو أمر بالغ الأهمية في المناطق التي تشح فيها الموارد المائية.
- استخدام زيت الوقود الثقيل: التصميم الهندسي للمحطة يستفيد بكفاءة من HSFO المنتج في مصفاة كربلاء، مما يحوّل الوقود المتبقي إلى مصدر طاقة حيوي.
- التحكم في جودة الهواء: تلتزم المحطة بمعايير البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية (IFC) لتقليل انبعاثات الغازات الملوثة مثل أكاسيد النيتروجين.
- نظام التصريف الصفري للمياه (ZLD): من خلال تقنية Zero Liquid Discharge، يتم إعادة تدوير المياه المستخدمة داخل المحطة، مما يُقلل الاعتماد على المصادر المائية المحلية ويعزز الاستدامة البيئية.
فجر جديد في قطاع الطاقة العراقي
لا تمثل محطة الخيرات مجرد إضافة كبيرة لقدرة العراق على توليد الكهرباء، بل ترمز أيضًا إلى قفزة نوعية نحو تأمين الطاقة محليًا. فمن خلال اعتماد أحدث التقنيات والوسائل الصديقة للبيئة، إضافةً إلى الاعتماد على وقود محلي، يمضي العراق نحو مستقبل تتوفر فيه الطاقة باستمرار وبشكل مستدام.
- إنتاج حديث ومستدام: يدمج تصميم المحطة أحدث التقنيات البيئية وعمليات التبريد المتقدمة، في خطوة كبيرة نحو تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز أمن الطاقة.
- توسيع القدرة التوليدية: ستضيف محطة الخيرات قدرة كبيرة لشبكة الكهرباء، ما يلبّي احتياجات التنمية الصناعية والعمرانية.
- أهمية دولية: يُبرز إدراج المشروع ضمن مبادرة الحزام والطريق مدى اهتمام المجتمع الدولي ببنية العراق التحتية، ويفتح آفاقًا جديدة من التعاون والاستثمار.
ختاماً
تُعد محطة توليد الطاقة الحرارية في الخيرات ركيزة أساسية في رسم مستقبل أكثر استقرارًا للعراق في مجال الطاقة. وبفضل طاقتها التوليدية الهائلة وموقعها الاستراتيجي وتقنياتها الصديقة للبيئة، يقترب العراق من تحقيق هدف الاكتفاء الذاتي في الطاقة وتعزيز نموه الاقتصادي. ومع اقتراب اكتمال هذا المشروع الضخم، يقف العراق على أبواب حقبة جديدة تتسم بـاستدامة الطاقة والازدهار لصالح جميع أبنائه.